كتبت الكاتبة وفاء عرفه
تصوير الاعلامي يحيي اللقاني
تدور احداث قصه
الراوي
عن
رجل حكيم ذو لحية بيضاء، يرتدي جلباب أبيض في طهر ونقاء الثلج
الأبيض، تبدو علي ملامحه خارطة الزمن بأكمله، وكأنها رسمت علي يد فنان فذ عبقري، تفنن
في نحت خطوط الحكمة والخبرة بمنتهى الدقة علي وجه الرجل الطيب وحين تنظر إليه تغوص
في أعماق الزمن مرتحلا بين سنواته الممتدة عبر آلاف الأعوام، يعاف الدنايا لا تمتلكه
الدنيا ويزهد أن يملكها، هادئ السريرة، تتجلي كل معاني الحكمة في عباراته، وتحتوي كلماته
كل معاني الحكمة في الحياة بأسرها.. عرف بإسم الراوي، لكل من يرتاد المسجد، الذي يجلس
عادة في إحدي أركانه، ولا أحد يعلم من أين أتي، والجميع يعرفه وأعتبروه أحد أعمدة المسجد،
ورمز البركة والخير، وأيقونة الحكمة لهم جميعاً...
آدم رجل طويل القامة، ذو بشرة خمرية قوي البنيان، ذو عقل
راجح مثقف يحترف القراءة،
مفكر بالسليقة لا يمر عليه شيئا مرور الكرام، يستخدم عقله في كل مناحي الحياة، لكنه دائماً لديه أسئلة، تشغله وتؤرق عليه نعيم الحياة التي رزق بها،
يفكر كثيراً في الحياة وفلسفتها وكيف؟ ولماذا؟ رغم ثقافته، إلا أنه يعجز عن الوصول لمبتغاه.
مفكر بالسليقة لا يمر عليه شيئا مرور الكرام، يستخدم عقله في كل مناحي الحياة، لكنه دائماً لديه أسئلة، تشغله وتؤرق عليه نعيم الحياة التي رزق بها،
يفكر كثيراً في الحياة وفلسفتها وكيف؟ ولماذا؟ رغم ثقافته، إلا أنه يعجز عن الوصول لمبتغاه.
توجه آدم إلي المسجد ليؤدي إحدي الفرائض وبعد إنتهاؤه من
صلاته، وهو في طريقه للخروج، مر من أمام الراوي، لكنه أستشعر بقوة عجيبة تعيده بقوة
ليقف قبالة الراوي ناظراً إليه وكأنه مسلوب الإرادة وعلي وجه علامات الراحة والرضا...
إبتسم له الراوي قائلاً: تعالي ياولدي و إجلس.
ودون أن يتفوه بحرف
جلس ٱدم كالطفل البرئ، وبعمق شديد شعر آدم بشعاع، يخترق قلبه وروحه قبل عينيه، وإندهش
جداً من الإحساس الذي سكن داخله بكل الطمأنينة والرغبة القوية للتواصل فوراً مع الرجل
الحكيم.
إعتدل الراوي في جلسته، وإنعكست عليه أشعة الشمس، وكأنها
طاقة من النور جعلت وجه الرجل يضئ وملابسه تزداد ضياءا، وشرع الراوي في بداية الحديث قائلا: يا آدم.
إن الدنيا لا تحتاج إلي الشروح والأسئلة، فهي لا تجدي، نحن
نكتسب خبرات الحياة،
من الإرتحال عبر الزمن لأنه ثابت ولا يتغير ولا يمر بنا،
نحن ياولدي: من يمر بالزمن
ونعبره ونتغير ونؤثر فيه ونصنع كل أحداثه... ونحن من خلقهم
الله لإعمار الدنيا، وقد خاب من ظن أنه لعبة
في يد الأيام، لولا الإنسان ما كان هناك معني للأيام أو الزمن، إن الله خلق كل شئ لخدمة
الإنسان وليس العكس.
يظل الماضي يؤسرنا بذكرياته، ويسلبنا متعة الحياة، ونرتعب
من فكرة المستقبل بما يحمله من المجهول، ونصر علي أن ننسي الحاضر، وهو تلك اللحظة الحقيقية
التي يجب أن نحياها والتي حقاً نملكها، وأستعجب كثيراً ياولدي ممن يهدرون وقتهم بالتفكير
فيما ليس بين أيديهم تاركين الحقيقة الواضحة أمام أعينهم مفسدين علي أنفسهم متعة الحياة.
يقبع في أعماق كل منا، ذلك الإنسان الذي يتصارع بداخله، الخير
والشر والحق والباطل،
إن في أعماق كل منا شخوص وليس شخص واحد نعم إنه الإنسان الذي
نحياه بكل تناقضاته وبكل نواقصه وبكل فضائله، ألم يصادفك ياولدي في الحياة إنسان يجمع
في نفسه الواحدة كل من الطيب والقبيح أو القوي والضعيف أو العابد والفاسق، وتحتار فيه؟؟
لكني أجيبك: إن النفس الواحدة تتقلب بين كل هؤلاء حتي تصل لليقين بما تميل إليه وتتحد
معه ويناسب طبيعتها ويستقر عليها، وهذا ما ندعوه صناعة الإنسان لنفسه وتقويمها، وهنا
شعر الراوي بأن في نفس آدم حديثاً يود أن يلقيه عليه فصمت وقال له هات ما عندك يا آدم..
فأسرع آدم بالحديث قائلاً: هو ذاك ما يؤرقني حقاً...
كيف للإنسان أن يصل بنفسهً إلي اليقين، وكيف ينجو بنفسه من براثن الشك والضغوط
من حوله، ليصبح كما يريد لنفسه أن تكون؟؟
إبتسم الراوي بهدوء وقال وهو ينظر في الأفق.
يا ولدي مهلاً مهلاً علي نفسك الحياة أبسط من ذلك بكثير شريطة أن تكون هادئ النفس مؤمن بالقدر وأن كل ما عليك هو السعي في الحياة، متفائلاً دوماً راضياً بمقدراتك وإن كانت علي غير رغبتك، فتأكد أنها الخير لك.
إبتسم الراوي بهدوء وقال وهو ينظر في الأفق.
يا ولدي مهلاً مهلاً علي نفسك الحياة أبسط من ذلك بكثير شريطة أن تكون هادئ النفس مؤمن بالقدر وأن كل ما عليك هو السعي في الحياة، متفائلاً دوماً راضياً بمقدراتك وإن كانت علي غير رغبتك، فتأكد أنها الخير لك.
إن رحلة الحياة مقدرة ومكتوبة، وعلينا إدراك ذلك جيداً، والسعي
فيها لابد وأن يكون، لتحقيق التوازن النفسي والسلام الروحي، فلا تلقي بالاً وإلزم السكينة
والإيمان لتنعم بحياتك، وتستمر رحلتك كما ترغب وتريد.. الله لم يخلقنا لنشقي بل لننعم
بالحياة، ولم يخلقنا عبثاً ولكن لأننا نستحق الحياة...
إن الإنسان يا آدم...
هو محور الحياة وركيزتها الحقيقية، هو الماضي والحاضر والمستقبل
هو محور الحياة وركيزتها الحقيقية، هو الماضي والحاضر والمستقبل
وله سخرت كل المخلوقات وعليه تقوم الساعة.. وهو كلمة الله
علي الأرض.
أنصت آدم بإمعان وتركيز لكل كلمة في حديث الراوي، وشعر بالراحة
وأثلجت نفسه
وقال للراوي كنت في أشد الحاجة لسماع حديثك، والتمعن في كل كلمة وصدقت قولاً في كل ما ألقيته علي نفسي من حديث وشكره كثيراً، ولولا ضيق الوقت ما تركه، وقام آدم مودعاً الراوي علي وعد منه أن يأتي لزيارته، كلما مر من نفس الطريق، وإحتاج للقائه الذي يشبه جلسة نفسية ثم ألقي عليه السلام ومضي لحاله.
وقال للراوي كنت في أشد الحاجة لسماع حديثك، والتمعن في كل كلمة وصدقت قولاً في كل ما ألقيته علي نفسي من حديث وشكره كثيراً، ولولا ضيق الوقت ما تركه، وقام آدم مودعاً الراوي علي وعد منه أن يأتي لزيارته، كلما مر من نفس الطريق، وإحتاج للقائه الذي يشبه جلسة نفسية ثم ألقي عليه السلام ومضي لحاله.
وبعد عدة خطوات خارج المسجد، تذكر سؤال يريد إجابته من الراوي،
فعاد مرة أخري،
متوجهاً لنفس المكان لكنه لم يجد الراوي، وسأل عنه أحد الموجودين،
لخدمة المسجد،
فأجابه قائلا: لقد مضي لحال سبيله، فهو هائم في ملكوت الله،
يأتي وقتما يشاء
ويذهب دون أن يعلم أحد مكانه، وربما لن تلتقيه مرة ثانية،
أو للأبد...
صمت آدم لبرهة، وشعر
أن هذا اللقاء هو بمثابة رسالة لتهدأ نفسه من كل ما يؤرقها، وتذكر جملة من حديث الراوي
راقت له كثيراً، وستظل في عقله دوماً، وستترك بصمة أبدية من الراوي عنده...
ألا وهي... إن الإنسان هو كلمة الله علي الأرض...
ألا وهي... إن الإنسان هو كلمة الله علي الأرض...
ارجوا ان تنال اعجابكم
الطبعة الاولي الان في الاسواق