الجمعة، 26 فبراير 2021

 لا نتعلم من أخطائنا ولا نستمع للمتخصصين.

بقلم د. علية عبدالهادي



ومتابعة الإعلامي يحيي اللقاني
كتبت منذ ١٥ سنة مقالا تم نشره فى صفحة البيئة بجريدة الأهرام وعنوانه: تغيير الأهداف الانتفاعية للبيئة العمرانية تؤدى إلى تدهورها:
"طالعتنا صحيفتى الأهرام (محليات: ص 14 ) و أخبار اليوم ( الصفحة الأولى ) فى أول أيام عيد الأضحى المبارك (السبت 30 ديسمبر 2006 ) بقرار الاتفاق بين وزارة الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية و بين القوات المسلحة أنه "لأول مرة يتم السماح بارتفاعات المبانى فى المدن الجديدة إلى 72م ( أى 24 طابقا )، وهى مدن القاهرة الجديدة والشيخ زايد و 6 أكتوبر وذلك "لجذب حركة العمران بالمدن الجديدة" ( أخبار اليوم)؛ و"بهدف محاولة استخدام الفكر والرؤى الحديثة فى التصميم والبناء العمرانى لتشجيع المستثمر العقارى فى دراسة جدواه الإقتصادية للمشاركة فى المنظومة الاستثمارية و لجذب الشركات الاستثمارية العملاقة سواء كانت مصرية أو عربية أو أجنبية للمشاركة فى إنشاء و إقامة مشروعات عمرانية متكاملة، كما سيؤدى ذلك إلى إنعاش الحركة العمرانية ورواج إقتصادى بالمدن الجديدة، بلإضافة إلى الحد من مشكلة البطالة لأن البناء يرتبط بأكثر من 92 صناعة تنعكس بدورها فى توفير فرص العمل للعديد من العمالة المصرية المميزة" (مايسة السلكاوى: الأهرام).
فى مدينة الشيخ زايد، على الأرض المخصصة للخدمات الترفيهية والتجارية والمنتزهات، وهى قطعة الأرض المتاخمة للمركز التجارى ’هايبر وان‘ ناحية المبانى السكنية، هناك إعلان يؤكد بدء مشروع امتداد حرم جامعة القاهرة – المرحلة الأولى: مبانى كليات الحقوق والدراسات التربوية والتجارة – ترخيص بناء رقم 1153 – 1154 – 1155 لسنة 2006 .
ويتضح لنا من الإعلانين السابقين أن الإتجاهات السياسية لها دخل كبير فى تطبيق أو عدم تطبيق الآراء العلمية . يتم تخطيط المدن بواسطة الدراسات التى تضافرت فيها جهود المصممين والباحثين وذلك بغرض التوصل إلى توازن بيئى وتنمية مستدامة من خلال تهيئة البيئة المناسبة للإنسان بنظام يوفر له الاحتياجات المادية والمتعة الفنية والفكرية الحالية والمستقبلية. وتعد هيئة التخطيط العمرانى مسئولة عن توفير النفع فى خدمة الإنسان وراحته وأمنه وأمانه فى كل بقاع مصر. وهى التى تضع الأسس لاستخدامات الأراضى بالتنسيق مع الجهات المعنية الأخرى كالزراعة والرى والموارد المائية والآثار والبيئة والصناعة والبترول والصحة والطرق والمواصلات ... ،مع تحديد الكثافات السكانية المرجوة، وتوفير سبل التحكم البيئى لهذه الأماكن بما يعود بالراحة البصرية والحرارية والسمعية والنفسية والاجتماعية والأمنية على مستخدميها وينمى شعورهم التفاؤلى والانتمائى.
ولقد اهتمت الجهات البحثية المصرية فى الجامعات والمراكز البحثية المعنية بالعمران على جميع مستوياته من تخطيط وتصميم عمرانى ومعمارى وداخلى للمبانى ودراسات سكانية واجتماعية-إحصائية وديموجرافية وتقييمية ودراسات حالة متعمقة- ودراسات علم النفس البيئى المرتبط بسلوك الإنسان وعلاقته بالتصميم. وهناك رصيد وفير تم مناقشته من خلال المؤتمرات العلمية المحلية والدولية فى العقود الأربعة الماضية. ولكن المشكلة تكمن فى عدم إبراز تلك المجهودات العلمية من ناحية، وفى عدم التنسيق بين الجهات المعنية من جهة أخرى، فتصبح كل تلك الجهود جزر منعزلة لا يستفاد منها الاستفادة الكاملة فى اتخاذ القرار، وفى تنفيذ ما هو مفيد للإنسان المصرى ومجتمعه. وتصدر القرارات المتوالية التى تتعارض مع الهدف الأصلى الذى صمم عليه مكان ما سواء كان ذلك على مستوى الحى أو المدينة أو المناطق المتاخمة لها.
كان وما زال الرصيد الأكبر من تلك الأبحاث على مدينة القاهرة و المدن الجديدة المحيطة بها. ولنا فى القاهرة أمثلة عايشناها اتخذ فيها قرارات سياسية فجائية لتعالج مشكلة الإسكان بدون مراعاة إمكانيات الاستيعاب للكثافة البنائية والسكانية والمرورية وصف السيارات وما استتبعه ذلك من ظهور العشوائيات والتعديات وسلب حق الساكن فى شوارع منظمة، مشجرة، هادئة، آمنة ونظيفة، والضعف الإدارى لمتابعة وإزالة المخالفات فى المناطق التى تسمى بالراقية.
ويستوجب ما سبق أن نستفيد من أسباب التدهور وألا نعيد التكرار بقرارات فجائية جديدة تغير من استخدامات الأراضى التى خطط المكان لها فى الأصل بالطرق العلمية والتى على أساسها انتقل إليها السكان هاربين من جحيم التلوث والازدحام. فمن حق سكان تلك المناطق الجديدة أن يدافعوا عنها حتى لا يصيبها ما حدث للمناطق التى نزحوا منها. وللرد على مبررات القرار المفاجئ بالسماح بالارتفاع والمذكورة فى الفقرة الأولى من هذا المقال نقول:
• ليست الارتفاعات هى التى سوف تنعش المدن الجديدة. المدن المذكورة تعتبرحاليا فى مرحلة نمو وهى جاذبة لسكان الأحياء القريبة منها والطاردة فى القاهرة والجيزة. ومن أهم أسباب الجذب السكانى لها أنها تهيئ لهم الكثافة المنخفضة على جميع الأصعدة وتكفل لهم الهدوء.
• تشارك حاليا الشركات الاستثمارية في الإنشاءات العمرانية السكنية والترفيهية والسياحية فى حدود الارتفاعات المسموح بها، ويمكن الازدياد من مشاركتها بتخصيص أراض ليست فى نطاق المناطق المخططة على كثافة سكانية وبنائية محددة.
• ليست المبانى المرتفعة هى التى سوف تساعد علي توفير فرص العمل، فإن أعمال البناء بانتشارها الأفقى المدروس أيضا سوف تساعد على الحد من مشكلة البطالة.
• كيف يتم تخصيص مبان جامعية متاخمة للمساكن وعلى أرض ذات تخصيص عام لهؤلاء السكان للتنزه والترفيه؟ وما يستتبعه من ازدحام أناس وسيارات وربما تعديات فننقل أمراض القاهرة إلى المدن الجديدة.
• من الأجدى في المرحلة الحالية بالنسبة لمدينتى الشيخ زايد و 6 أكتوبرالعمل على صيانة المحور المؤدى إليها من وسط البلد، و توصيل خط مترو و إيجاد طريق ثان للربط على وجه السرعة قبل أن تزداد المشكلة المرورية التى بدات منذ عام.
• وأخيرا وليس آخرا، من حق السكان اشراكهم فى اتخاذ القرارات الخاصة بمنطقتهم."
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات :

إرسال تعليق